1- مقدمة:
إن السياسة الاقتصادية المتبعة في بعض الدول ـ وخاصة في دول العالم الثالث ـ بشكل رئيسي تهدف فقط إلى رفع كمية الإنتاج الصناعي، بغض النظر عما ينتج عن ذلك من تأثيرات سلبية على البيئة الطبيعية. وبشكل عام إن النتائج المترتبة عن تلك السياسة هي التالية:
– استنزاف الموارد الطبيعية،
– تلوث البيئة وتخريبها، وإن هذا التلوث يبدو واضحاً للعيان من خلال زيادة مساحات الأراضي المتصحِّرة وفقدان التوازن البيئي في المستودعات والأوساط المائية. إن طبيعة أو بنية الصناعة في بعض الدول ـ وحتى في بعض الدول المتقدمة صناعياً ـ تعتبر غير مناسبة مـن وجــهة نظر بيئية، إن لم تنطلق بالأصل من الإستراتيجية التي تهدف إلى:
ـ الحفاظ على الموارد الطبيعية،
ـ حماية البيئة من التلوث.
ففي الصناعات الاستخراجية والتنقيب عن المواد الأولية وفي محطات توليد الطاقة يتراكم هناك كمٌ هائلٌ من النفايات التي تتسبب في تخريب للنظام البيئي في الأرض التي تتجمع عليها تلك النفايات. والأخطر ما في الأمر هو أن هناك كميات كبيرة من النفايات السامة (الخطيرة) التي تشكل خطراً على الإنسان والبيئة بشكل عام.
وانطلاقاً من استراتيجية الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث فإن الحالة القائمة في هذا الوضع الراهن يجب أن تخضع للتغيير وبالسرعة القصوى الممكنة، لكن في أغلب الأحيان إن ذلك التغيير سوف لن يكون بالسرعة المطلوبة، وذلك نظراً للحالة الاقتصادية الصعبة للدولة، والتي قد تعجز حالياً عن إعادة بناء هيكلية الصناعة والاقتصاد الصناعي بما يتناسب مع متطلبات حماية البيئة، وهذا بدوره يجعلنا نتشاءم بعض الشيء، ولكن في هذه الحالة يصبح العمل على الحد والتقليل من كمية النفايات التي تنتج في الأنشطة الصناعية المختلفة (وبالأخص النفايات الخطيرة منها) من أهم الأولويات في العمل على تخليص وإنقاذ البيئة الطبيعية من الخطر الذي تسببه تلك النفايات.
إن خبرة الدول المتقدمة في علوم حماية البيئة تؤكد بأن الإستراتيجية الفعّالة لحل مشكلة النفايات، هو الحد من كميتها في مكان نشوئها (أي في المصدر).
إن الحد من كمية النفايات يؤدي إلى فوائد اقتصادية هامة، والذي بدوره يعتبر المحرك الأساسي لرفع كفاءة التكنولوجيا المستخدمة، ويجر وراءه تطوراً ملحوظاً في العوامل التقنية والاقتصادية والإدارية في المصنع، حيث تنخفض كلفة النقل وكلفة المعالجة والطمر للنفايات الناتجة عن عملية التصنيع؛ وأستشهد هنا بمقولة أحد الباحثين البولنديين، حيث قال: “في الوقت الحاضر، وخلال التطور الاقتصادي للسوق البولونية، يعتبر البحث والعمل على الحد من كمية النفايات الصناعية الوسيلة الوحيدة التي تمكن إدارة أية شركة صناعية من إنعاش الحالة الاقتصادية للشركة، وبنفس الوقت يعتبر هذا الأمر هو السلاح الفعّال بيدها لضمان تطورها واستمرارها في السوق”.
سوف نتناول بالبحث المؤشرات الطرائقية والتقنية لإعداد خطة لبرنامج صناعي يهدف للحد من كمية النفايات الناتجة عن مختلف الأنشطة الصناعية. كما وسيتم شرح الطرق والوسائل التي يجب اتباعها للحد من كمية النفايات. إن هذا البحث يعتبر على جانب من الأهمية ولاسيما للأشخاص المسؤولين عن حماية البيئة وذلك عن طريق الحد من كمية النفايات الناتجة في الشركة التي يعملون فيها.
هذا وإن الهدف الأساسي للمحاضرة هو إعطاء الخطوط والمحاور الأساسية لطريقة التفتيش والتحليل والتطبيق العملي للتغييرات الإدارية والمادية والتكنولوجية والتي ترمي إلى الحد من كمية النفايات الصناعية الناتجة عن مختلف الأنشطة الصناعية.
2- الحد من كمية النفايات ـ مفاهيم و تعاريف
انطلاقاً من أحدث استراتيجية عالمية والتي تخص تدبير ومعالجة النفايات الصناعية، تبين بأن الأسلوب الناجح لتدبير النفايات يجب أن يمر بالتسلسل عبر الخطوات التالية :
· الحد من كمية النفايات في مكان نشوئها (عند المصدر)،
· إعادة استخدام النفايات (لأغراض اقتصادية، فرز المكونات النافعة في مكان نشوئها أو خارجه، …)،
· استخدام النفايات كمصدر للطاقة،
· الهدف من معالجة النفايات هو التقليل من حدة سميتها على البيئة،
· طمر النفايات يجب أن يكون كحل أخير للتخلص منها (فقط في حال عدم وجود حل بديل آخر).
إن الشكل رقم 1 يوضح التسلسل الهرمي لآليات العمل في مجال تدبير النفايات انطلاقاً من هذه الاستراتيجية العالمية.
تقليل كمية النفايات:
يعني التقليل ما أمكن من كمية النفايات الناتجة، أو التقليل من كمية النفايات المعالجة، أو المطمورة على حدٍ سواء. إن الهدف المرجو من عملية التقليل من كمية النفايات هو الحد من الخطر الذي يحدق بالإنسان و البيئة في الوقت الحاضر والمستقبل. إن التعريف العملي للتقليل من النفايات حسب توصيات المكتب الأمريكي لحماية البيئة يعني قبل كل شيء تلافي نشوئها أو الحد من كميتها (عند المصدر) والتركيز على إعادة استخدامها من جديد في حال نشوئها.
إن التقليل من كمية النفايات في مكان نشوئها تحدده الجهود الرامية للحد من كمية النفايات الناتجة عن جميع العمليات المتسلسلة والجارية التي تمر فيها عملية التصنيع.
أما Recycling النفايات فهو يشمل جميع الأساليب والعمليات التي تهدف إلى استخدام النفايات كمادة خام، سواء في عملية التصنيع نفسها التي نتجت عنها أو في غيرها من العمليات الإنتاجية الأخرى. إن مفهوم Recycling النفايات يشمل أيضاً الحصول على العناصر أو المركبات المفيدة والموجودة في النفايات، كما ويشمل تنقية النفايات من الشوائب وذلك ليتسنى استخدامها من جديد أو استخدام ما تحويه من المركبات ذات القيمة الإنتاجية. وتبعاً للمكان الذي يتم فيه إجراء عمليات الـ Recycling فيمكن أن يكون الـ Recycling داخلياً (في المكان نفسه) أو خارجياً (خارج مكان نشوء النفايات).
الخبرة العملية ـ في الدول التي تعمل على الحد من كمية النفايات ـ تبين:
* إن الحد من كمية النفايات يمكن أن يصل إلى 20 أو حتى 98%،
* إن الوقت اللازم لإعادة النفقات المصروفة بهدف الحد من كمية النفايات يبلغ وسطياً 5 سنوات،
* إن عملية الحد من كمية النفايات يجر وراءه أرباح لا يستهان بها مع الزمن،
* إذا تم الحد من كمية النفايات في مكان نشوئها (في المصدر) تصبح حماية البيئة من التلوث الذي تسببه النفايات أسهل بالمقارنة فيما إذا تمت معالجة النفايات الكلية.
* في المصانع التي تعمل على الحد من كمية النفايات السامة الخطيرة يقل الخطر على العاملين فيها وعلى البيئة أيضاً، وبنفس الوقت تنخفض النفقات المدفوعة للعمال في حال الإصابة بالأمراض المزمنة التي تسببها شروط العمل.
* إن عملية الحد من كمية النفايات يؤدي إلى مجموعة من التطورات التقنية، والتغيرات الاقتصادية والإدارية في الشركة الصناعية.
إن مهمة الحد والتقليل من كمية النفايات في كل مصنع هي مهمة دائمة، وتتطلب اندفاعاً من قبل جميع عمال المصنع ولا تنحصر فقط بالأشخاص المعنيين بحماية البيئة والحفاظ عليها من التلوث، كما و يجب أن تكون انعكاساً لتضافر جميع الجهود والقرارات الإدارية التي تصدر في المصنع. لتطبيق فكرة عملية التقليل أو الحد من كمية النفايات الصناعية، لا بد من عمل برنامج أو خطة معينة تهدف إلى حماية البيئة الطبيعية من التلوث، وهذا الأمر من المفروض أن يشكل الأولوية التي يجب أن تتبعها أية دولة في سياستها الرامية لحماية البيئة من التلوث الذي تسببه النفايات ولاسيما الخطيرة منها. سنتناول فيما يلي أهم الأفكار الأساسية لوضع مثل ذلك البرنامج الذي يهدف إلى الحد من كمية النفايات وذلك بالاعتماد على توصيات المكتب الأمريكي لحماية البيئة.
3- برنامج الحد من كمية النفايات في الشركات الصناعية
في الحقيقة للوصول إلى الهدف المنشود:أي الحد من كمية النفايات، يتوجب علينا وضع برنامجاً معيناً لتحقيق تلك المهمة، كما أن هذا البرنامج يجب أن يكون حصيلة مجموعة من العمليات المتكاملة والمستمرة التي بدورها تهدف إلى الحد المنتظم من كمية النفايات الناتجة من جراء العمليات و المراحل المختلفة التي تمر بها عملية التصنيع. علاوة عن ذلك إن هذا البرنامج يجب أن يعكس و يظهر الهدف والسياسة التي تضعها إدارة المعمل للحد من كمية النفايات الناتجة.
إن مراحل تهيئة و إعداد ذلك البرنامج هي التالية :
1. التخطيط والتنظيم،
2. تحديد وتقدير الهدف أو الاحتياج المطلوب،
3. اختيار الأهداف القابلة للتحقيق (التي يمكن الوصول إليها)،
4. التطبيق العملي.
إن عمل برنامج مثل هذا يهدف بدوره للحد من كمية النفايات الصناعية يجب أن يضم العمليات الآتية:
1. تهيئة ودراسة المادة الخام بهدف البحث وتقدير أو تحديد إمكانية الحد من النفايات ما أمكن ذلك،
2. يجب عمل دراسة تشخيصية في المصنع، وذلك لتحديد مصدر نشوء النفايات،
3. دراسة وتحليل خصائص النفايات الناتجة في المراحل المختلفة التي تمر بها عملية التصنيع،
4. إعداد فكرة دقيقة عن كمية وخصائص النفايات الناتجة في المراحل المختلفة من عملية التصنيع،
5. التفتيش عن الحلول الممكنة تقنياً للحد من كمية النفايات الناتجة،
6. تقدير أولي للكلفة لعدة حلول ممكنة تكنولوجياً،
7. التدقيق في الحلول الرئيسة والمدروسة من وجهات النظر التالية:
ـ الكفاءة في الحد من الكمية الإجمالية للنفايات
ـ إمكانية استخدام النفايات الناتجة في أماكن أخرى (خارج المصنع)
ـ إمكانية استخدام النفايات الناتجة داخل المصنع نفسه
8. استعراض النتائج الأولية لجميع الحلول المدروسة (التركيز على كفاءة الحل مع الأخذ بعين الاعتبار الإمكانيات الاقتصادية)،
9. عمل تقرير نهائي للحل المختار على أن يحوي توجيهات و نصائح إدارة المصنع،
10. إعداد خطة عمل لتطبيق الحل المختار،
11. عمل دراسات متكررة (كما في الخطوات السابقة) من وقت إلى آخر، وذلك بغية تحديث وتطوير برنامج الحد والتقليل من كمية النفايات الناتجة في المصنع المدروس.
للمزيد من المعلومات يرجى تحميل الملف كاملا”: انقر هنا
ملاحظة: يمنع اعادة النشر دون الاشارة للمصدر (موقع الهندسة البيئية www.4enveng.com ) شاكرين تعاونكم
السلام عليكم شكرا ع مجهودكم الرائع
ولكن لدي طلب ممكن تعريف لاعاده التدوير مع مصادره اذا امكن
وشكرا م. رغده محي
السلام عليكم اعتذر عن التأخر بالرد اذا كنت بحاجة الموضوع الى الان ارجو التأكيد للارسال